بداية محاولات الإصلاح و حدودها
مقدمة : اقترن القرنان 17 و
18م بترسيخ الحداثة في أوربا الغربية التي كان نفوذها في تصاعد مستمر. فاضطر العالم
الإسلامي إلى القيام ببعض الإصلاحات.
- ما هو مفهوم الإصلاح و مظاهره في الإمبراطورية العثمانية و المغرب خلال القرنين 17 و 18م؟
- ما هي عوامل فشل هذه الإصلاحات؟
I محاولات
الإصلاح عند العثمانيين:
1 – اكتسى الإصلاح العثماني مفهوما
خاصا، و ارتبط بأسباب خارجية و داخلية:
* الإصلاح
هو تقويم الاعوجاج و تغيير وضع خاطئ . ويتم إصلاح السلوك الفردي و المجتمعي خلال المسيرة
التاريخية . ويشمل الإصلاح المجالات السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الاجتماعية
و الثقافية و الدينية .
* من أسباب الإصلاحات العثمانية:
- الهزائم المتتالية للجيش العثماني أمام القوات
النمساوية والروسية ، و تقلص النفوذ العثماني في أوربا، و تزايد امتيازات الأوربيين
في الإمبراطورية العثمانية.
- تولي مصطفى كوبرلي رئاسة الحكومة العثمانية
والذي تمكن من إصلاح الجهاز المالي.
2 اقتصر الإصلاح عند العثمانيين على ميادين قليلة :
- في الميدان
العسكري: تأسيس فرقة مدفعية مصنع للمدافع و مدرسة للبحرية و أسطول بحري
- في الميدان الثقافي و العلمي: إنشاء مدرسة الرياضيات
و مدرسة الهندسة و ترجمة الكتب التقنية الغربية.
3 – فشلت الإصلاحات عند العثمانيين خلال القرنين 17 و 18م لعدة عوامل
منها:
- مناهضة
الطرق الصوفية و بعض العلماء لكل إصلاح.
- قلة موارد الدولة ، و عدم القيام بإصلاحات مالية
جوهرية.
- استمرار العناصر الانكشارية ضمن الجيش العثماني
و عدم التزامها بالتدريبات العسكرية مقابل مزاولتها لأنشطة اقتصادية و تدخلها في الشؤون
السياسية.
II محاولات الإصلاح
بالمغرب على عهد سيدي محمد بن عبد الله خلال القرن 18م:
1 – اقترن مفهوم الإصلاح في المغرب بالتجديد مستهدفا تقوية دعائم الدولة:
* استهدف
الإصلاح على عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله تجديد أسس الدولة و تقويتها.
* جاءت إصلاحات السلطان محمد الثالث بعد أزمة الثلاثين سنة (
1727- 1757م ) التي شهدت الصراع على الحكم بين أبناء المولى إسماعيل و تدخل جيش عبيد
البخاري في الشؤون السياسية و ثورات القبائل و الزوايا.
2 – تعددت مظاهر الإصلاح بالمغرب على عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله:
- في الميدان
الاجتماعي: التخفيف من آثار سنوات الجفاف عن
طريق توزيع الخبز على فقراء المدن، و تقديم
قروض مالية لسكان البوادي تسترد في السنوات الخصبة ، و إعفاء القبائل من أدء
الضرائب.
- في الميدان التعليمي: تطوير التعليم الديني
و تعميمه في المدن و البوادي.
- الميدان التجاري: نهج سياسة الباب المفتوح على أوربا عبر تخفيض الرسوم
الجمركية على الصادرات و الواردات و ترخيص تصدير القمح و فتح الموانئ الأطلنتية على
التجارة الخارجية ( في طليعتها ميناء الصويرة )، و وضع حد للجهاد البحري.
- في الميدان المالي: مواجهة فراغ بيت المال عن
طريق استخلاص الضرائب الشرعية من زكاة و أعشار ، و التشدد في تحصيل الضرائب الاستثنائية
كمكوس الأسواق و أبواب المدن .
- الميدان النقدي: في ظل قلة الذهب الناتجة عن
تراجع تجارة القوافل، تم تحويل القاعدة النقدية المغربية من معدن الذهب إلى معدن الفضة.
- الميدان العسكري: خلق توازن عسكري بتجنيد قبائل
عربية و أمازيغية و التقليل من العناصر المتمردة في فترة أزمة الثلاثين سنة ( عبيد البخاري و الأوداية ). و حماية السواحل و
تحرير الثغور من خلال جلب معدات عسكرية و تجهيزات السفن و ترميم و تحصين الموانئ.
3 – واجهت إصلاحات المغرب على عهد سيدي محمد بن عبد الله خلال القرن
18م بعض العراقيل في طليعتها :
- بداية التغلغل
الرأسمالي في المغرب.
- منافسة المنتجات الأوربية الحديثة للمصنوعات
المغربية التقليدية.
خاتمة: تعددت مجالات الإصلاحات في العالم
الإسلامي لكنها باءت بالفشل ، مما فتح المجال لتزايد الضغوط الأوربية.